بـوسـعـادة ...

                 مـديـنة السـعـادة

نشأة مدينة بوسعادة و تطور نسيجيها العمراني

معطيات عامة :

مقدمة : تصنف مدينة بوسعادة على أنها مدينة سياحية ذات تراث عريق ، تقع في الجنوب الشرقي للبلاد على بعد 248 كلم من العاصمة الجزائر و إلى الجنوب من عاصمة الشرق قسنطينة على بعد 320 كلم ، و هي دائرة تابعة لولاية المسيلة التي تبعد عنها بــــ 65 كلم .
يحدها من كل الجهات : من الشمال بــلدية أولاد سيدي ابراهيم ، و من الشمال الغربي بــلدية الحوامد ، غــربا بلدية تامسة و جنوبا برج ولتام ، و تلتقي عندها طرق وطنية هامة اتجاهاتها : شمال جنوب ، شرق غرب ، الشمال و الجنوب الغربي و بذلك تشكل نقطة عبور متقاطعة لطرق نحو الصحراء .
تتوفر الدائــرة على عمق ترابي يمتد على مساحة تقدر بــ 255 كم مربع تتوزع عليها مجموعة سكنية تصل إلى 110785 نسمة لكثافة تقــدر بـ 492 نسـمة / كم . و تشرف دائرة بو سعادة على تسيير 7 بــلديات و تمثل حاليا المركز الثــقافي و الإداري ، الإقتصادي الدائــرة ، و المدينة تقع بإقليم جاف و محاصرة بحواجز طبيعية و ذات طابع سياحي و تضم عمرانا أصيلاً ، و تتحمل ضغاً سكانيا كبيرا من المناطق المجاورة نتيجة لوجود تفاوت كبير في توزيع المشاريع الإنمائــية . فلم تحظ المدينة باهتمامات الهيئات العليا للتخطيط مما جعل إمكانياتها الاقتصادية محدودة .
و نتيجة للنمو العمراني السريع في العشرية الأخيرة أدى أن يكون ثلثي مساحة المدينة مبني و ربعها سكنات غير قانونية و تضارب في الأشكال العمرانية و توسع الهوة بين الأنسجة القديمة و الحديثة و المناطق ال سكنية الجديدة و التجــزئات ، فظهرت أحياء كبرى مكتظة سكانيا فاقدة الانسجام مع الشروط العمــرانية ( الهوية و الخصوصية ) مهملة بذلك تراثها ( قصر بوسعادة ) و ضياع سمعة المدينة السياحية .

المعطيات الجغرافية المناخية :

1/ التضـــــاريس : يبلغ متوسط ارتفاع المدينة عن سطح البحر بــ560م ، و تقع المدينة في السفح الشمالي للأطلس الصحراوي ــ جبال أولاد نايل ــ وتمثل الحدود الجبــلية للسهول العليا و تطل على شط الحضنة .
مرتفعاتها متوجهة : جنوب ـــ غرب ، شمال ـــ شرق متمثل في جبل كردادة جنوبا موخيرة شمالا بينهما منخفض به المدينة ، ذو إنحدار يتراوح بين 3% إلى 8% و هو ضيق لمحاصرة المرتفعات السابقة و من الجهة الشرقية بالكثبان الرملية ، فنجد أن هذه المنطقة المنخفضة ذات شكل مخروطي و محاصرة بحواجز طبيعية تعيق نموها و توسعها ، أما وادي بوسعادة فينبع من السفح الشمالي لجبال أولاد نايل و يقطع المدينة من الجهة الجنوبية ليلتقي بـــواد ميطر .

2/ المــــــناخ : تقع المديـنة ضمن المناخ الجاف الانتقالي بين البحر المتوسط و الصحراوي الحار و المتميز بعدم الإنتظام في التســاقط و تفيد المعطيات الآتي :

الريـــــــــــــاح : يهيمن على بوسـعادة نوعان من الرياح : الرياح الغربية سرعتها 2.6م/ثا لها تأثير سلبي بنقلها للرمال ــــــ الرياح الشمالية الغربية تزداد في الشتاء و الربيع و تتناقص مع اتحاهات و ردة الريــاح .
ــــ و تهب على المدينة رياح أ×رى ضعيفة من الجهــة الشمالية .

الـــحــرارة : ترتفع إنــطلاقا من شهر ماي حتى شهر سبتمبر و يمثــل شهر جويــلية الأكثر حــرارة حيث درجة الحرارة القصوى 37.8م ، و في شهر جانفي تكون أدنى درجة تقــدر بــ 8م .

التـــساقــــط : التساقطات قلــيلة و غير منتظمة حيث أصبحت في النوات الأخيرة لا تتعدى 170ممو يمثــل المتوسط 245 مم سنويا أي ما يعادل ( 4 أيــام في كل شهر ) .

كل عناصر الماخ هذه تلعب دوراً هاما في تحـديد منطقة الراحة التي تـتناسب و عمل الإنسان في كل منطـقة فالمتأمل في شكل القصر و تخطيطه يلاحظ كيف تمكن سكانه من إتخاذ مناخ ملائم للإنـسان بإستعمال المـاء و لمحافظة على العطاء النـباتي لإضفاء الماخ المحلي في التركيب العمراني المتراص وواضح أيضا كيف تمكن الفرنســيون من توجيه شكل طرقـاته و تلائم معطيات الرياح السائدة خاصة حماية المديـنة من الرياح المحملة بالتراب عن طريق النخيل الوافر و استغلالهم الغطاء انباتي داخل السكنات .

المعطـــيات الديموغــرافية و الإقتصادية :

1/ المعطيات السكانية : تعرف حاليا سكان مدينة بوسعادة زيادة طبيـعية تقدر بــ 2.69% و يمكننا تسجيلها ضمن المقوماتالأسـاسية للمجتمع ، و مساهمة التيارات النازحة نحو المدينة بعد الإسـتقلال و تشير الإحصائيات أن عدد السكان تضاعف 7 مرات في ظرف 50 سنة.
جدول :  التطور السكاني لمدينة بوسعادة.

السنة

1966

1977

1987

1998

1999

2000

2001

العدد

26121

50369

60920

102245

105016

107862

111324

و تتشكل التركيبة السكانية للمجتمع بوسعادة من قاعدة شبابــية عريضة تمثل 50% من مجموع السكان .


جدول سكان مديــنة بوسعادة حسب الفئات
 

الفئة

العــدد

النسـبـة

0 ـ 6 سنوات

23431

%22

6 ـ 18 سنة

25093

%24

18 ـ 60 سنة

49748

%49

60 سنة فأكثر

4930

%5

التوسع العمراني لمديــنة بوسـعادة: 

نـبذة تاريخـية :

" سعادة " ، " أبوسعادة " ثم " بوسـعادة " هكذا تطور اسم هذه المدينة فمنهم من قال بأن اسم المدينة جاء لغبطة مؤسسها بهذا الموقع المختار ، احتلت بوسعادة موقعا هاما في المنطقة و يثبت قدم وجودها و مدى أهميتها في الحضارات المتعاقبة عن هذه البلاد حيث تشير بعض المراجع أن إعمارها يعود إلى عصور المماليك النوميدية أي قبل 8 ــ 10 آلاف سنة .
و قبل الاحتلال الروماني للمنطقة كانت المدينة آهلة بالجيتول و هم البرابرة الرحل الذين كانوا في تنقل مستمر في الهضاب العليا بحثا عن المراعي ، وبعدها أصبحت بوسعادة مستعمرة رومانية و كانت فيالق الجيوش الرومانية تمر بالمديـنة ، و على مقربة من بوسعادة شيدت قلعة رومانية و انمحت معالم هذا البناء و حلت محله قلعة " كافينياك " الفرنسية التي استعادت آثار البناء الروماني .

إذ أجمع العديد من المؤرخين أن البناء المسمى في عهد الاحتلال " بليار العيد بان " قد أقيم ليضمن أمن قــوات الإمبراطورية المتجهة نحو المنطقة الجنوبية أو العائدة منها ، و بمجيء الإسلام في القرن السابع بصم نهائيا موقع الناحية الواحتية فيما بعد فالإباضية مرت بالمنطقة دون أ، تستقر فيها ، إلى أن وادي بوسعادة في القرن العاشر صار يشكل نقطة التقاء القوافل التجارية و بمجيء الهلاليين الذين أثروا كثيرا في المنطقة ثم قبائل الرحل القادمين من مصر فنظراً لطبيعتها الخلابة و طابعها السياحي كانت بوسعادة على مر العصور الواحية السياحية التي تجلب السياح إليها و من مختلف الأجـناس .
و علـيه سنعتمد على دراسة التوسع العمراني للمدينة باستعراض ثلاثة مراحل هامة شهدتها عبر تاريخها و أثــرت في تحديد معالمها و ملامحها :

1/ مـرحلة ما قبل الإحتلال الفرنسي :

تفيد الدرسـات التاريخية في أواخر القرن 15 تم الاستنجاد بالولي الصالح سيدي ثامر و سيدي سليمان من طرف قبائل البدارنة الرحل ، و هم من المرابطين الذين يستوطنون ساقية الحمراء ، و كان للبدارنة أراضي تمتد على ضفاف الوادي و هكذا تم تشييد أول مسجد ـ جامع النخلة ـ أنشأت حوله سكنات للولي سيدي ثامر و عائلته و أخرة لأتـباعه و تلاميذه ، و أسسوا قصر بوسعادة و كانت معظم المدن المحيطة به مزدهرة و نظراً للنمو السكاني تم توسيع مجال القصر و حسب تقرير " الكولنال بان "
" جاء فيه وصف قصر " بلغ تعداد سكاني 4500 نسـمة و 600 مسكن و كان جلهم ينشطون في الزراعة و يحيط بالمديـنة500 بستان و تحتوي 10000 نخلة و كان محاطا بسور لحمـايته .

قصـر بوسـعادة ( المدينةالقديمة ) :

يبدو أن أهم عنصر لتشكيل القصر هو الماء الذي يعطيه وادي بوسعادة عن طريق نظام السواقي و كذلك العيون الموجودة في محطيه وإضافة إلى وفرة البساتين ، و تشكيله بدأ من المركز جامع النخلة و تتحلق حوله البنايات بمحاذاة المجاري المائية و كذلك الحدود الناتجة عن التجزئ العقاري و يلاحظ عدم خضوع محلاتها ( الجزيرات السكنية )لأي نظام هندسي منتظم بل تتحكم في شكلها نظم توزيع الأراضي ، ثم تأتي الكنات متراصة علة طول الدروب و الشوارع ، ففي البداية أنشأ حيي : العشـاشة و أولاد عتيق ثم ظهرت أحياء أخرى أولاد حركات ، المامين ،الزقم ، حي أولاد حميدة ، حارة الشرفة .

2/ مرحلة الإحتلال الفـرنسي :

كان قصر بوسعادة مقسم إلى أولاد عتيق و المامين و لكن بعد وصول الفرنسيين وضعت اللبنة الأولى في القلعة العسكرية (Fort)برج الساعة كما تدعى اليوم ، حتى تتم السيطرة على الواحة . و بعد مدة كرس الفرنسيون استيطانهم بأحياء محاذاة القصر إلى الجهة الغربية و فقاً لمخطط شطرنجي يتميز بشوارع متقاطعة و محلات سكنية موحدة حجماً و شكلاً .
هنا تعرف المدينة تقاطبا فعليا بين نمطين من التخطيط و شكلين من الأشكال العمرانية يظهر الأول في جزء المدينة الفرنسي و ما يحمله من تقنيات حديثة و معطيات عمرانية ، و نمط قديم يتمثل في قصر بوسعادة بأشكاله الملتوية و مواد بناءه المحلية و التقنيات الضعيفة التي ترمز إلى مجتمع تكيف بالوسائل البسيطة مع المعطيات المناخية و الطبيعية .
و تفيدالمصادر المتوفرة لدينا أن نمو المدينة في هذه المرحلة مر بمرحلتين :

التوسع الأول 1830ـ 1948 :
 بعد عشر سنوات من وصولهم أقام الفرنسيون الدائرة العسكرية (FORT) كما تم تهيئة ساحة تعرف بـ Place Colonel Bien حتى تكون فاصلا بين القصر و الدائرة العسكرية ، و تتوقع هذه الساحة بمحاذاة شارع اليهود ، و بناء الحي الفرنسي Plateau جنوب القصر بنمط شطرنجي و شوارع متقاطعة ونظرا أهمية المدينة السياحية تم إنشاء العديد من الفنادق على طول شارع Rue Goborient و بناء العديد من المرافق الإدارية و التجارية و سط المدينة و للإشارة في هذه المرحلة بدأت المحاور الرئيسية لمدينة تظهر محور بوسعادة ـ الجزائر ـ الجلفة ، بوسعادة بسكرة .

التوسع الثـاني 1948 ـ 1962 :
 تعرف المدينة توسع آخر بظهور حي أسطيح الأوربي في الناحية الغربية بنفس مميزات النمط الأوربي كما نسجل ظهور قطب آخر شرق القصر بمحاذاة الوادي من الجهة الشرقية ( الدشرة القبلية ) و كذا ظهور مأحياء أخرى القيسة و الكوشة و يمكننا اعتبار هذه التوسعات أساسا لأشكال عمرانية لا تخضع لمنطق ولا لنظام هندسي سوى اكتساح مساحات من الأراضي رغم أنها تحمل بعض المميزات الخاصة التي نراها مجرد استجابة لحاجة المواطن الماسة للسكن .
مـرحلة الإستقلال ما بعد 1962 :
 يمكننا الإشارة إلى جمود كل الحركة العمرانية للمدينة غداة الإستقلال ففي غياب ميكانيزمات للتسيير الحضري للمدينة تمزقت في كل الإتجاهات بظهور الأحياء القانونية و اللاقانونية نتيجة الحركة الذاتية للمواطنين لتعمير مساكن الفرنسيين ، و البناء على عقارات خاصة و أراضي عمومية و يمكننا الإشارة إلى ثلاثة صور من التعمير عرفتها المدينة :

التعمير الغير القانوني :
 يبدو أن نمطا عمرانيا يمكن اعتباره أصيلاً يظهر في بعض الأحياء التي أنشأت في غداة الإستقلال أو في وقت الإحتلال ( الدشرة القبلية ، القيسة ....) .

و نتيجة للنزوح الريفي و الهجرة الكثيفة نحو المدينة من المناطق المحطية بها ، أدى إلى ضغط فاق القدرات لم تستطع المدينة تأمين متطلبات القادمين فأقاموا وحدات سكنية بدون ترخيص و بدون عقد ملكية فقد تمت عملة الإنجاز بوتيرة سريعة و في مدى قصيرة وفق مسار لا قانوني :
ـ ثنائية المواد( الإسمنت ، الخرسانة المسلحة) .
ـ وثنائية الإنتشار ( الأراضي الهامشية و السفوح ).
ـ ثنائية المساهمة ( اليد العاملة العائلية و طريقة التويزة ) .
ـ ثنائية التعدي على الأملاكالعمومية ( أملاك الدولة و أملاك البلدية ).
فظهرت ثلاثة أحياء : حي ميطر ، حي سيدي سليمان ، حي المجاهدين . بمساحة 137.44 هكتار سنة 1991 و ما بين 1992 / 1996 نشأ حي جديد الرصفة بـ 30 هكتار و اتسعت الأحياء السابقة .
هذا النمط يمتاز بكثافة سكانية عالية و غياب الشكل العمراني و اختناق النسيج ، كل هذا يتم دون معايير تخطيطية و لا مواصفات عامة مما يجعل الوحدات الكنية تنمو وتتطور بشكل يصعب معالجته .
التجـزئة : تأخذ نفس الطابع و تتوسع بنفس الخصائص على مستوى المدينة و تزيد في طبع البيئة العمرانية بشكل يخالف الطابع المعماري المحلي سيما في غلافها الذي يحمل السمات الأوروبية و قد وزعت ما بين 1994 و 1975 حوالي 7068 قطعة أرض صالحة للبناء بمساحة 350.22 هكتار أي بمعدل 500 م يوميا و هي تعادل المساحة الموجودة قبل 1974 أي بناء مدينة ثانية داخل المدينة في ظرف أقل من 20 سنة .

المنطقة السكنية الحضرية الجديدة (ZHUN) :بداية نشير لوجود نمط السكنات الجماعية في الجهة الجنوبية الشرقية للمدينة منها ( حي 300 مسكن ، حي 110 مسكن ، حي 96 مسكن ...)

و في سنة 1993 استفادة مدينة بوسعادة من منطقة سكنية حضرية جديدة تقع على بعد حوالي 5 كلم شمال المدينة على محور بوسعادة ـ المسيلة ، لتشكل قطبا آخر للمدينة و بعد التوسع أصبحت تشكل مدينة جديدة فبغض النظر عن كيفية الربط بينها و بين المدينة القديمة جاءت هذه المنطقة في شكل وحدات سكنية في عمارات متعددة الطوابق تظهر بعناصر معمارية تماثل الأحياء المتواجدة في أغلب مدن الوطن . و تبدو خذه المنطقة في شكل عمراني لا يمت بصلة إلى الأشكال العمرانية للمدينة حيث تشكل طفرة تضاف إلى تلك التي شكلتها المدينة الفرنسية من قبل فضلا عن الصورة التي تبديها الأحياء غير القانونية و التجزئات . 


قام بهذه الدراسة التحليلية  لمدينة بوسعادة
 الأستاذ
:  بونصلة أحمد

اعتمد على إحصائيات  مديرة الإحصاء لبلدية بوسعادة  لسنة 1998
و واحة بوسعادة ( يوسف نسيب) ُenal 1983

   
 

 

الانتقال السريع